Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
Tirrawal
Archives
Tirrawal
Catégories
18 mars 2012

داود كارحو-ومضات من الأدب الأمازيغي المعاصر، المجموعة القصصية "إرزاكَ يميم" نموذجا

داود كارحو-ومضات من الأدب الأمازيغي المعاصر، المجموعة القصصية "إرزاكَ يميم" نموذجا
1- تقديـــم:
دخلت اللغة الأمازيغية حياة جديدة، فترة إحياء و انبعاث ، نتيجة نضالات عديدة و إجراءات متواترة ذات طابع رسمي تتجلّى أساسا في معيرتها و دخولها للتعليم ثم دسترتها أخيرا؛ هذه الإحيائية ستجعلها تتخذ لنفسها أشكالا جديدة للتواصل و ستضطلع بمهام غير معهودة تتطلبها الحياة المعاصرة والتي تلعب فيها الكتابة و وسائل الاتصال دورا أساسيا و حاسما.
هذه الحياة الجديدة ستنعكس – حتما و بالإيجاب – على الإنتاج الأدبي باللغة الأمازيغية في مختلف صنوفه و تلا وينه، و سيغدو التأليف بهذه اللغة منبعا – كما كان و سيزيد- يروي شجرة الأدب المغربي المعاصر. لا ينكر أحد أن الأدب الأمازيغي عريق عراقة الإنسان الأمازيغي، لن أتناول في هذا البحث تاريخ هذا الأدب بقدر ما سأحاول التطرق للأدب الأمازيغي المعاصر من خلال تعريفه و تحديد بعض خصوصياته وانشغالاته، وسنتخذ المجموعة القصصية" إرزاكَ ييميم" لمؤلفها محمد كَرحو كنموذج للتحليل.
2- مفهوم الأدب الأمازيغي:
يشير مفهوم الأدب في معناه العام إلى كونه تعبير عن الأحاسيس و المشاعر و الأفكار و الآراء... وكل ما يتعلق بالخبرات الإنسانية، ويتخذ أسماء مختلفة حسب الثقافة التي ينتمي إليها أو اللغة التي كتب بها فنتحدث عن الأدب الأمازيغي و العربي و الفرنسي....، وهناك من يعتبر مجموع الآداب بالآداب العالمية أو الإنسانية.
في هذه الورقة سأحاول جرد بعض التعاريف من بين الكثيرة التي أوردها بعض المفكرين في تعريفهم للأدب الأمازيغي :
- يقول الحسين المجاهد :" الأدب الأمازيغي في مفهومه الواسع يشمل محيطا لغويا و ثقافيا يتمثل في الفضاءات التي تتداول فيها اللغة الأمازيغية الناقلة لمختلف أجناسه ...وذلك بقاييس متفاوتة من رقعة إلى أخرى"1.
- حنداين محمد : "أما الأدب الأمازيغي فقد كان مكتوبا بحروف تيفيناغ منذ 2500سنةق.م ثم تحول إلى الشفوية لظروف...لكنه بدأ يعود إلى الكتابة بطريقة أكثر واعية...ويشمل الأدب الأمازيغي الشغر و القصة والرحلة...ومختلف فنون اآداب"2.
- الفرقاني محمد الحبيب : "الآداب و الفنون الأمازيغية هي آداب إنسانية عبرت عن مشاغل و مشارف و مواجد إنسان أمازيغي حر في مجتمع أمازيغي حر وفي وطن متحصن حر،وعكست فوق أرضه و بلغته وأدواته التي أفرزها من نفسه و مواهبه فكره و روحه ووجدانه ورؤاه و مطامحه وأشواقه الكبرى و الصغرى من الحياة"3.
مما سبق يمكن الخروج باستنتاج مفاده أن الأدب الأمازيغي أدب عريق عراقة الأمازيغي على أرضه ، يحمل في طياته معالم حياة الإنسان الأمازيغي من ارتباط بالذات و الأرض و المحيط الاجتماعي ،وتعبيرات عن معاناته و أفراحه وأحاسيسه، و معاني الحرية و العشق والأنفة و الشجاعة.
3- الأدب الأمازيغي المعاصر:
يربط أغلب الباحثين ظهور الأدب الأمازيغي المعاصر بفترة دخول المستعمر، إلا أنه "خلال الخمسينيات و الستينيات تعرض هذا الأدب للإحباط و سوء الفهم من قبل الحركة الوطنية التي تربط كل إنتاج أمازيغي بالظهير الاستعماري لسنة 1930"4. و بحلول السبعينيات إلى يومنا هذا بدأت بوادر انبعاث جديدة تلوح في سماء الأدب الأمازيغي معلنة ببزوغ شمس الإبداع باللغة الأمازيغية ، يشير فؤاد أزروال إلى ذلك بقوله:" مما لاشك فيه أن ادبا جديدا في الثقافة الأمازيغية بدأ يتشكل ويتامى ، وبدأ يخلق لنفسه آفاقا مغايرة تحت تأثير دينامية الحركة الثقافية الأمازيغية و نشاطها من أجل التعبير عن ذاتها و تأكيدها وتطوير آلياتها و أدواتها في الاشتغال، ومن أجل المساهمة في الإجابة على الأسئلة التشكيكية في قدرة اللغة الأمازيغية على مسايرة العصر و التعبير عن روحه و استلهام فنونه و مواضيعه...". تنوعت المؤلفات و كثرت الإنتاجات الأدبية حيث شملت مختلف أنواع الإبداع من شعر و سرد و مسرح دون إغفال الترجمة من و إلى الأمازبغبة...، فبالإضافة إلى الجيل الأول من الكتاب المعاصرين : محمد مستاوي ، الصافي مومن علي ،محمد شفيق، فؤاد أزروال، ،حسن ايدبلقاسم،أزايكو ،محمد أكوناض... والجيل الثاني: محمد أوسوس، أبوالقاسم الخطير...ظهرت أسماء مبدعين جدد في العقد الأول من هذا القرن في القصة القصيرة و الرواية و التأليف المسرحي فضلا عن الشعر؛في مقال لها حاولت عزيزة نفيع5 أن تعدد بعض العناوين لكتب جديدة بالجنوب منها ما يلي:
في القصة القصيرة: سبعة عناوين(كتب).
في الرواية: ستة عناوين.
في مجال الكتابة الفكرية و المقالة بالأمازيغية:عنوانان.
في مجال تدوين الحكاية الأمازيغية الشفوية: عنوانان.
في مجال الترجمة إلى الأمازيغية: ستة عناوين.
في النصوص الشبه مسرحية:عنوان واحد.
في مجال الأنشودة والكتابة الشعرية للأطفال: عنوانين.
في الدواوين الشعرية:خمس و عشرون عنوانا.
في بدايات ظهورا لأدب الأمازيغي المعاصر امتاز بمسحة المقاومة ، بعدها تناول عناصر الهوية من ارض و لغة ووجود الإنسان الأمازيغي، ومع ذلك لم يبق الأدباء الأمازيغ المعاصرون يقتصرون على قضية واحدة و إنما احتضنوا مشاغل الإنسانية و القضايا العالمية ، وواكبوا التطورات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية للمجتمع المغربي الحديث، إذ نجد إبداعاتهم تتفاعل مع كل الأحداث في كل المستويات القيمية و الجمالية و النفسية و الوقائع الحياتية.
يصف فؤاد أزروال هذا الأدب الأمازيغي المعاصر على أنه أدب جديد ينزع نحو بناء قيم فنية و جمالية حديثة، و نحو الإمساك بمواضيع وتيمات محلية ممتدة في العمق الإنساني،ونحو تنويع فنونه وفروعه بالمزج بين قديمها و جديدها، وذلك من خلال التفاعل و الاحتكاك بالآداب العالمية المعاصرة والاستفادة من امتداداتها المختلفة، و بدافع التحدي لكل المواقف المشككة والآراء المغرضة في حق إمكانيات التراث الأمازيغي في التطور و الانفتاح و النمو.
من بين الخصوصيات المميزة لهذا الأدب المعاصر نذكر باقتضاب ما يلي:
- الأدب الأمازيغي المعاصر تجاوز التدوين و حفظ الموروث إلى فعل الكتابة التثويرية .
- القصدية الواقعية وهندسة فعل الكتابة.
- نقل التجربة الفردية و الإحساس بالتميز في تلمس الواقع و المعيش اليومي للمواطن المغربي.
- البحث عن الآفاق و البدائل الممكنة للمشاكل و المعانات الجماعية.
- نقد الواقع و نشر ثقافة الاختيار.
- استثمار العبارة لاسترداد الوجود المغتصب.
- طرح إشكاليت و قضايا إنسانية وبيئية.
- نشر الوعي الوطني و الثقافي و الحس السياسي.
- الانفتاح على الثقافات اإنسانية.
- يتنوع الأبداع الأمازيغي من مستويات البساطة و السهولة إلى تعابير سميكة و معقدة.
- ...
4- المجموعة القصصية إرزاكَ يميم" .
تعتبر الكتابة القصصية و السردية باللغة الأمازيغية تجربة جديدة ، ذلك أن المسار الإبداعي مازال في بدياته الأولى، فالإنتاجات في هذا المجال قليلة يصل عدد ها إلى عشرين كتابا بين الروايات و المجموعات القصصية، رغم ذلك فهي نصوص تأسيسية لاستتباب الوعي بالكتابة السردية الأدبية باللغة الأمازيغية؛ في هذا البحث سنلقي نظرة على المجموعة القصصية الأمازيغية "إرزاكَ يميم" لمؤلفها محمد كَرحو الصادرة سنة 2010 بمطبعة الأقلام بأكادير.هذا الكتاب يتكون من ستة و خمسين صفحة من الحجم المتوسط مكتوب بالحرف اللاتيني ويتألف من إحدى عشر قصة قصيرة .
أ‌- جدلية العنوان:
يعتبر العنوان من بين المفاتيح الأولى الميسرة للقراءة لما يحمله من دلالات و إيحات توجه القارئ نسبيا لما هو مسطور في أي كتاب ،حين نتأمل "إرزاكَ يميم" يتبادر إلى أذهاننا بأن هناك تضادّ فالكلمتان في حد ذاتهما تجسيد لذلك ،هذا التضاد المقترن بحاسة الذوق ثنائية تصيب القارئ بحيرة حينما يسأل عن هذا الشيء المرّ الحلو، ليبدأ النشاط التأويلي يتلون بلون التقابل و الصراع ،لكنه و من خلال الفعلين المشكلين للعنوان – مع استحضار أن الفعل يحمل الحدث في الزمان - يتضح أن هذا الصراع رغم مرارته يحمل نكهة الحلاوة في الأخير و هو ما يفسره تأخير " يميم" على "إرزاكَ" ، بيد أن بناء مدلول العنوان لن يتأتى إلا بعد تجميع الأفكار الواردة و المنشرة في كل نصوص المجموعة.
في قراءة سريعة لأهم العناوين المدرجة بالكتاب نستشف ترابطا منطقيا بين عنوان الكتاب المستقل(لا يعنون أي قصة) و أغلب عناوين القصص والتي أتت على الشكل التالي:
عنوان الكتاب:
irzag yimim
عناوين بعض القصص:
Timight n uzlmad d ufasiy ,tigni n tgccult,tiwwurga ganin azal , iskraf n tayri,tazzaghra n tattn…
حين نلاحظ هاته العناوين المركبة من متضادات و تعابير تحمل معاني التعارض مع الممكن، نستنتج أن القاصّ يرمي إلى توصيل أفكار عن وجود ثنائيات في هذا العالم متصارعة تضفي على الحياة معنىً وتفضي إلى انعكاسات في دواخل الفرد وتعمق تشابك الواقع المعيش في الحياة الجماعية ،وبالتالي يمكننا القول بأن عنوان الكتاب يحاول من خلال جدلية مضمونه تشخيص حقائق حياة الشخصيات المسرودة وإعطائها مذاقا آخر غير المرارة و الحلاوة و إنما ذلك الاقتران المتزامن لهاتين الصفتان لحياة الفرد ولحياة الجماعة.
ب‌- حركية الفضاء:
اختار الكاتب فضاء القرية و محيطها مسرحا لأحداث شخصيات قصصه رغبة منه في بعث الروح والحيوية في جماداتها : أخربيش، أكادير،تاكَانت،أدرار،أغبالو،إكَران....،هذا التوظيف لمختلف فضاءات القرية الطبيعية و البشرية بواسطة الكلمة البسيطة الخالية من التكلف تخترق دجى أعماقنا وميضا يعكس حنينا إلى ماض حافل بقيم و عادات بداوة ذات طعم خاص،وتكشف عن صمود أبناء القرية في وجه قساوة العيش و شظف الحياة . فضاء يحكي ..يغري..ويئن.
ت‌- صدى الأحداث:
تميزت المجموعة القصصية " إرزاكَ يميم" بتنوع المواضيع المتناولة و الأحداث المسرودة ، منها قضايا القيم و العادات المتوارثة التي تتحكم عادة في بنية التفكير للمجتمع القروي ففي "يويس ن ماس" نلمس كيفية نقل التراث وتوجيه النشء و تربيته على الحفاظ على رموز هويته ،و في قصة "إسكراف ن تايري" نجد الفتاة بطلة القصة عانت كثيرا من أجل التعبير عن آمالها و متمنياتها وخاضت بحثا عسيرا مع ثقل نظرة المجتمع إليها لتوصل لبني جلدتها قيمة المحبة الصادقة.ومنها قضايا اجتماعية تكمن في التطرق لأغلب الأفعال التي يقوم بها سكان القرية من حصاد و درس وما يصاحب حباتهم اليومية طيلة المواسم الفلاحية من ممارسات كالحرث و الحصاد و ما يصاحب ذلك من توترات أحيانا في توزيع الأدوار بين أفراد الأسرة الكبيرة وهو ما نقرأه في قصة "تاكَيوضت ن وورغ" بعبارات واضحة و مؤثرة؛ أما نص "توّوركَ ن أوزال" حاول فيه الكاتب تشخيص آمال السكان و تطلعاتهم وتتجلى أساسا في تثمين تراثهم و ردّ الاعتبار لكينونتهم والتي جسدها في إعادة بناء أكَادير(الحصن) لكن الأمل لم يتم لأن ذلك عبارة حلم وقد حاول الكاتب أن يعطي حلاّ لعدم الرضوخ للعراقيل و المثبطات التي تعيق تحقيق التطلعات من خلال سبكه لحكاية "أمّودّو ن إكًرا" تلك المغامرة الشيقة التي خاضها ضفدعان في صحن مملوء بالحليب انتهت حزينة للضفدع اليائس و سعيدة للمجدّ في تحقيق هدفه.؛في "تيميغت ن أوفاسي د أوزلماض" تناول المؤلف موضوع الصراع الناتج عن تعارض المصالح و نتيجته على الحياة الفردية و الجماعية.
ج – عمق البساطة.
لغة المجموعة القصصية تنزع إلى ولوج عالم السرد بلباس الحكي الشفوي المألوف رغبة في الملاءمة بين خصوبة الإبداع و سهولة التلقي حيث وُظفت في ذلك لغة بسيطة غير معقدة و ألفاظ متداولة صيغت في عبارات مشوقة تخلو من التصنع و التسويغ البلاغي الضيق و بأسلوب تفوح منه رائحة ماض أمازيغي يطير بالقارئ إلى عوالم ريفية لازال بعضها ينبض حياة بينما الكثير منها لم يبق منه إلا بريقه المنحوت في الذاكرة.
تلخيص:
في محاولته الأولى تمكن الكاتب محمد كًرحو من فتح نافذة على الحياة القروية المليئة بالنبض و العطاء من خلال توظيف نصوص قصصية ذات حمولة ثقافية عميقة تعالج قضايا متعددة :اجتماعية ،إنسانية، ثقافية...، تستمد متانتها من مواقف و ممارسات تحمل ثنائيات التناقض و التقابل و باستغلال أسلوب غير غريب على المتلقي الأمازيغي؛ في اعتقادي سيساعد هذا العمل الإبداعي الباحثين والنقاد في نفض الغبار عن بعض من مميزات ثقافتنا و تراثنا العريق.

52953171_p
مراجع:
1- تاسكلا ن تمازيغت مدخل للأدب الأمازيغي 1992 منشورات أمريكَ ص9
2- كتاب شمال افريقيا.دراسات و أبحاث في الثقافة و التاريخ دار طوبقال، محمد حنداين 1996 ص 18
3- تاسكلا تامازيغت ،مدخل للأدب الأمازيغي 1992،منشورات أمريكَ ص 27
4- محمد حنداين شمال افريقيا دراسات وأبحاث 1996 ص19.
5- جريدة تاويزا عدد 160 غشت 2010 تحت عنوان "ثمار المطابع في المجال الأدبي بسوس في العقد الأول من هذا القرن".
Publicité
Commentaires
Tirrawal
Publicité
Derniers commentaires
Visiteurs
Depuis la création 54 832
Publicité